رواية راائعة للكاتبة سارة المصري مكتملة ( مذاق العشق المر )
المحتويات
على كفه وهي تناوله الهاتف لتسأله في دهشة
أنت عارف اللي بين صوفيا وزين
ابتسم وهو يرفع حاجبيه
زين مقوم البيت كله حريقة بقاله كام شهر عشان خاطرها
مالت اليه في ترقب
وأنت يا يوسف رأيك زيهم
مال بدوره اليها
قبل ما أعرفك اه كان ممكن يكون رأيى زيهم بس من بعد ما عرفتك وعشت السعادة اللى مكنتش أتخيل اني أعشها شايف ان اللي بيتجوزو من غير حب بيفوتهم كتير
وأنا مش عايز أخويا يفوته حاجة
رمقت نظراته الشغوفه بها فاحمرت وجنتيها وهمهت في خجل
مش هتكلم زين
اعتدل من جديد وهو يبتسم ويحتفظ بكفها فى يده قائلا
هنكلم زين
وضع الهاتف على أذنه ولحظات وتجهم وجهه تدريجيا وهو يقول في حذر
تعبانة من امتى يا زين
للأسف صوفيا تعبت شوية ونقلوها المستشفى
أمسكت بذراعه تسأله في خوف واضح
امتى حصل الكلام ده وحالتها ايه
ضمھا تحت ذراعه يطمأنها
اهدى حبيبتي هيا كويسة
نظرت له فى هلع ينفي تصديقها له
ربت على وجنتها لتهدىء
هتبقى كويسة ان شاء الله زين قال حاجة بسيطة
رفعت رأسها اليه بعينين دامعتين ففهم ما تعنيه دون أن تنطق فهم خجلها فيما تريد طلبه فتنهد في عمق قائلا
حاضر يا ايلينا هنسافر على أول طيارة
أمسكت كفه تسأله في حب
يعنى انتي مش متضايق ولا زعلان
من جهة زعلان فأنا زعلان ان احنا هنرجع ومكملناش اسبوعين
وقبل أن تنطق وضع اصبعه على شفتيها مواصلا
بس انتى مادام معايا المكان مش هيفرق هنعوضها ان شاء الله
أنا بحبك اوي يا يوسف ربنا يخليك ليا
ويخليكى ليا يا اغلى من عمري كله
أخذت صوفيا وضع الجنين وهي تنام في فراشها تحدق في اللاشىء وعقلها غارق بالتفكير بكل شىء في حياتها كلها من بدايتها
اه من زين
لماذا ظهر في حياتها من الأصل
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته
غامرت من أجله هو
من أجل التقاليد التي طالما حاول تلقينها اياها وكانت أخته على وشك الخروج عنها
لم يعطها أي فرصة للدفاع عن نفسها وهو يصفها بأشنع التهم كأنها لم تكن كتابا مفتوحا أمامه طيلة الفترة الماضية
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو اجمل شىء حدث لها
ألم يكن بمقدوره ان يكون اكثر رحمة
الم يكن
اخبارك ايه دلوقتى
اخرجتها الطبيبة من افكارها فتمتمت
احسن الحمد لله
عقدت الطبيبة ساعديها وقالت في رفق
لسة بتفكرى فى اللى حصل انا قولتلك لو حبيتى تقدمى بلاغ فى الراجل ده انا مستعدة اشهد معاكى
اغمضت صوفيا عينيها فى الم
مبقتش فارقة
قالت الطبيبة وهي تميل اليها
بس الراجل ده صعب اوى نفذ اللى عايزه ڠصب عن ابنه ومن وراه كمان
التهمت اذن صوفيا الكلمات فاعتدلت بسرعة وهى تسألها في لهفة
انتى قولتى ايه اللى عمل كدة ابو زين مش زين نفسه
هزت الطبيبة كتفيها قائلة
معرفش زين مين بس الشاب
اللى كان معاه كان هيصور قتيل ساعتها واضح ان ابوه اتصرف من وراه
وضعت صوفيا جبينها بين كفيها وفركته فى قوة وهى تتمتم
يعنى مش زين مش زين
وعادت لتهمس فى خيبة امل
طب ليه سابنى ومسألش عني من وقتها
لم تملك الطبيبة اجابة هذه المرة فأغمضت صوفيا عينيها وهي ترتمي من جديد على وسادتها لتأخذ وضعها القديم مواصلة في رجاء
من فضلك سيبينى لوحدى
تركتها الطبيبة بناءا على رغبتها لتحاول أن تعادل افكارها من جديد بعد ما علمته
هل لا زالت تسخط على زين
ام انتقل هذا السخط على والده
هل لم يعد مذنبا من وجهة نظرها
أغمضت عينيها فى حزن فالان علمت انه من المحال ان تتقبلها هذه العائلة فهل عليها ان تفكر فى عرضه السابق بالابتعاد عنهم من جديد ولكن
اوقفت افكارها تماما وهى تغطي رأسها بالوسادة لتحاول الهرب من كل شىء لن يمكنها اتخاذ قرار مناسب وهي في هذه الحالة لحظات و شعرت بباب الغرفة يفتح فظنته احدى الممرضات لتهتف فى تأفف
قلت مش عاوزة
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان
الفصل السابع عشر
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام
أخذت تتمتم بين دموعها
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه
صوفيا حبيبة قلبي مالك
تبكي النبذ الذى ستظل تعانيه عمرها بأكمله تبكي الذنب الذى تحاسب عليه دون أن ترتكبه
مر يوسف بالحديقة قبل أن يدلف للقصر ليجد علي الصغير جالسا على احدى الطاولات وهو يتحسس بيده كتابا بطريقة برايل ابتسم كعادته حين يرى هذا الصغير الذي يذهله دوما رؤيته تبعث السعادة الى أي نفس مهما حملت من مشاق يكفيها نظرة الى هذا الملاك لتنفض عنها كل ما تختنق به من هموم خلع نظارته الشمسية وسار في اتجاهه ببطء وقف الى جواره للحظات يتبين ان كان سيكتشف وجوده أم لا ولم يخطأ ظنه اذ ابتسم علي وهو يقول في بساطة أهلا يا يوسف
ضحك يوسف وهو يجذب مقعدا ليجلس امامه يسأله في حيرة
لا بجد بقا قولي عرفت ازاي أنه أنا من غير ما اتكلم حتى
هز علي كتفيه وهو يشرح له
اولا بحس أن فيه حد جاي من صوت خطواته حتى لو هوا حاول يداريها فيه احساس بسيط ودني بتستقبله الخطوات بالنسبالي زي البصمة كل واحد فيكو ليه خطوة معينة وطبعا ريحة كل حد بتأكد البصمة دي
رفع يوسف حاجبيه في ذهول هذا الطفل يخدعهم بالفعل هو رجل متنكر في زي وصوت طفل كيف لمن في عمر التاسعة أن يتحدث بهذا الأسلوب والمنطق بل أن يقضى جل وقته في قراءة كتب لا يستوعبها عقله هو الراشد
قاطع علي أفكاره التي يعرفها جيدا ومل من تفكير غيره دوما به هكذا هل ينتظرون من طفل كفيف أن يحيا العمر ساخطا على حرمانه من حاسة حباه الله بعشرة أمامها انه يرسم العالم بذهنه هو بخياله البريء الذي لم يلوث بعد بأحقاد البشر
قولي يا يوسف عامل ايه مع ايلينا
ابتسم يوسف حين سمع اسمها منه كل منهما بالفعل يليق أن يكون أخا للاخر
كويسين بس اضطرينا نرجع عشان تعب صوفيا
ومال اليه يربت على كفه قائلا
المهم دلوقتي طمني عليك عامل ايه مش محتاج أي حاجة
رد علي في امتنان
الحمد لله أنا بخير طول ما انتو بخير
واصل يوسف في حنان
علي انت عارف انا بعزك قد ايه ومش عشان انت أخو ايلينا ولا ابن عمو سمير الله يرحمه لو احتجت أي حاجة في أي وقت اطلبها مني أنا
مد علي كفه ليربت على كف يوسف وهو يبتسم في ود
اللي ممكن أطلبه منك انك تخلى بالك من ايلينا ايلينا بالنسبالي كل حاجة اختي وأمي وحبيبتي و
قاطعه يوسف مازحا
ايه يا حاج علي أنا كدة هغير
وأردف في جدية
ايلينا بقت حته مني يا علي بقت بالنسبالي كل حاجة اطمن
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة
ربنا يسعدكو
وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله
تمد يدها الى جرس الباب ثم تعود فى منتصف الطريق
تعبث فى خصلات شعرها الاسود
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة
خير يا ايتن اللى جابك هنا
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم
هنتكلم على الباب
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة
انا عايش لوحدى
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها لم تعتده حادا هكذا من قبل
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب
اتفضلى
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل
وهو يعقد ساعديه ويتأملها قائلا
ايتن قولى اللى عندك بسرعة لو سمحتى عشان ميصحش تفضلى موجودة هنا كتير
شابكت اصابعها ببعضها البعض وهى تنظر ارضا وتتساءل اين ذهبت خطبتها العصماء التى جهزتها مسبقا
اين تاهت كلمات الاعتذار
ربما لانها لم تجد حسام بالاڼهيار الذى توقعته انهياره كان سيسهل من مهمته كثيرا ليفلت منها كلمات التعاطف دون حساب حسام الذي تعرفه ليس بهذه القوة والقسۏة مطلقا قسۏة لم تسمح سوى بكلمة واحدة من بلوغ شفتيها
اسفة
دق باصابعه على الكرسى الذى يستند عليه قائلا فى برود
على ايه
رفعت رأسها اليه فى بطء
من فضلك يا حسام بلاش الطريقة دى زعقلى صړخ فيا اشتمنى حتى بس بلاش كدة
ضحك في صخب وهو يفرك كفيه في تهكم واضح
اه انتى جاية لحسام القديم بقا او خلينا نقول بشكل ادق حسام اللى انتى بتشوفيه بطريقتك العاشق الولهان فى تراب رجليكى اللى ضيع عمره كله واحلامه وطموحه عشان بس يبقا جنبك حسام الضعيف بحبه ليكى حبه اللى خلاه يتنازل مرة واتنين وعشرة من غير ما يحس انه بدا ييجى على كرامته بزيادة الذنب مش ذنبك انا اللى كنت اعمى
وفتح ذراعيه ليواصل
ودلوقتى خلاص اتخلصت من ضعفى هرجع اعمل حياة جديدة غير الحياة اللى لخصتها كلها فيكى
تمعنت به شابتها دهشة وهي تراقب حسام الجديد الذي لم تصادفه طيلة عمرها بأكمله
ابتسم بزاوية فمه فى سخرية
ايه كنتى متوقعه هتيجى تلاقينى مڼهار وحابس نفسى يا حرام وبشرب وبسكر عشان انسى ومش بعيد كمان اكون شانق نفسى مش غرورك كان ممكن يوصلك ده
واضاف وهو يشير بسبابته الى صدره في جدية
انا فوقت يا ايتن خلاص فوقت
تمعنت به اكثر حاصرته بنظراتها تلتهم ملامحه التي تراها لاول مرة بتلك الصلابة وكأن تلك الصورة الهشة التى كان عليها دائما لم تكن له او ان غرورها بالفعل هو ماكان يصور لها هذا تصورت بالفعل انه يعيش حالة اڼهيار وصدمة شعرت بالشفقة عليه لهذا جاءت هل بالفعل تخطاها بهذه السهولة
تنهد وهو ينظر الى ساعته يخبرها في حسم
انا اسف جدا عندى شغل ولازم انزل
حكت جبينها بكفها فى تردد لم يمنعها من سؤالها التالي رغم علمها بمدى وقاحته
يعنى مش هشوفك تانى
انا من النهاردة بالنسبالك زى زين
ويوسف وقت ما هتحتاجى حاجة هتلاقينى
تجمدت فى مكانها للحظات تتساءل لماذا ضاق صدرها بتلك الجملة
وهى طالما تمنتها
متابعة القراءة